بحث

الأربعاء، 19 مارس 2014

آلوَفّآء ..


آلوَفّآء ..!

الوفاءُ...نغماتٌ تتراقصُ على أوتار ِ القلوب ِ بخفة ٍ..
تتسلّلُ منافذَ الروح ِ بمنتهى الرقة....
الوفاءُ هو نشيدُ للغة ِ الإحساس..لغةٌ ليسَ كلّ البشر ِ يستشعرُ عظمتَها....
ولا يستطيعُ الجميعُ أن يفهمَها .


آالوفاءُ ..هو بطاقةٌ وجدانيةٌ سامية تفتحُ أمامنا المجالَ للشعور ِ
بالحبّ ِ والثقة ِ بيننا وبين
الآخرين وتجعلهم ينشدون المثاليةَ في التعامل...مثاليّة تصحبُها
حساسية" مرهفة " نحو أدنى تقصير...


الوفاءُ ...هو بحرٌ من الأخلاق ِ والصفات ِ الحميدة...
لا غدرَ به ولا خيانة ...
أمواجُه نسجتْها خيوطُ الاخلاص ِ و الودّ و المحبة
وسفنُه قلوبٌ رسَتْ مشاعرُها على الطهارة ِ والنيّة ِ الطيّبة ...
على المحافظة ِ على العهود ِ وعلى البذل ِ
من أجل ِ الآخرين دون مقابل أو حدود.

الوفاءُ ..هو زهرةٌ تستمدُ عبيرَها من عطاءِ القلوب ِ...
فتنمو وتزهرُ ويزدادُ فوحُهامع كلّ عطاء ٍ
متجدد ٍ ومع كلّ عطاءٍ صادق ٍ...
لكن ككلّ الزهرات فآنّ هذه الزهرة رقيقةٌ...
قد يهشّمُها ذوي القلوب ِ القاسية ِ فتذبل...
ومع مرور الوقت تموت....

ككلّ بحر...فآنّ الوفاءَ بحرٌ لا حدودَ لعطائه ِ...
ترسو في مينائه سفنُ القلوب ِالطاهرة ِ...
والعابقة ِ بشذى العطاء ...

أولى هذه السفن...سفنُ الصداقة ...
سفنٌ راقيةٌ أبحَرَتْ من موانئ الحياة ...
ٳلتقتْ صدفة" بعد عواصفَ شرّعتْها لمواجهة ِ
أقسى الظروف...ٳتّحدت...تعاونت...
وبا ت ٳتّحادها حاجة" ٳنسانيّة" خالية "
من المطامع ِ الشخصيّة ِ والمصالح....
كم هي رائعةٌ سفنُ الصداقة ِ...
سفنٌ جمعتْها عواصفُ الدهر ِ...
فألفَتْ بعضَها وعاهدََتْ طاقمَها على متابعة ِ المسيرة سويّا"...
دون خوف ٍ فهدأتْ العواصفُ وٱستكانتْ الرياحُ وأشرقَ
فجرٌ جديدٌ شعاعه قبسٌ من روح ِ التعاون ِ والاخاء....


بجانب ِ سفن ِالصداقة ...ترسو في ميناء الوفاء سفنٌ على
كلّ منّا الصعودَ ٳلى متنِها...
كيف لا وهي سفنُ البذل ِ والعطاء ِ لأجل ِ
أغلى جوهرتين في حياتنا...




ٳنّها سفنُ الوفاء ِللوالدين...
سفنٌ قضَت عمرَها تمخرُ بحارَ الحياة ِ...
تصارعُ أمواجَها العاتية...تضحّي بنفسِها من أجل ِ
بقاء طاقمِها قيدَ الحياة...وبذلتْ كلّ طاقاتِها من أجل ِ
آسعادهم والرقيّ بهم.
فما أجملَ أن نقفَ بجانب ِ هذه السّفن ِ ٱحتراما"...
كم هو جميلٌ أن نصونَها ونحفظَها ونرعاها
في كل وقت ٍ وخاصة" عندما نشعرُ بعدم ِ قدرتِها على متابعة ِ الآبحار...
كم هو جميلٌ أن نُشعرَها بأنّنا سنحفظُ العهدَ ونبادلُها الوفاءَ
فلا نرميها عندما تعجزُ أشرعتُها عن مواجهة ِ ما تبقّى من الرياح...


ولسفن ِ الحبّ مكانٌ لترسو في ميناء ِ الوفاء ...
وهذه السّفنُ من أجملِ السفن ِ وأرقّها....
سفنٌ دخلتْ عالمَ البحار ِ حديثا"....
لم تعرفْ أمواجَه القويّة ورياحَه العاصفة...
سفنٌ أحبّت أن تبدأ رحلتَها كثنائيّ...
وأجملُ ما فيها أنّها سفنٌ تبذلُ ما في جعبتِها بسخاء ٍ...
سفنٌ شراعُها آمالٌ وأحلامٌ تأملُ أن ترسّخَ جذورَها في أرض ِ الحبّ
قبلَ أن يحينَ موعدُ الرياح ِ الخائنة ...
قبلَ أن يحينَ هذا اللقاء...
جميلةٌ هذه السفن...لكنّها سفنا" هشّة" بطبيعتِها...
بحاجة ٍ لأن تهتدي بنور ِ البدر ِ في السماء ِ....
وأن تنسجَ من خيوط ِ نوره ِ شعاعا" تعتمده
في ٳبحارها في بحار ِ الحياة ...
فتكونُ هذه الخيوط...البذورَ الأولى لأرض ٍ
خصبة ٍ تنمو فيها سنابلَ الوفاء..



أتمنّى أن تكونوا أبحرتم معي في بحر ِ الوفاء ...
ومن هنا...أدعوكم لأن تبقى قلوبُكم نابضة " بالوفاء ...
الوفاء لأصدقائِكم...لأهلِكم...لمن تحبّون...
ولا تجعلوا ترقرق َالوفاء ِ يجفّ من ينابيع قلوبِكم
وٱجعلوا من قلوبِكم ميناء" ترسو فيه أنقى المشاعر وأصدقَها...
لتتجدّدَ أرواحُنا جميعا" بتفتّح ِ براعمَ الوفاء ...
براعمٌ نتمنّى أن تزهرَ ويفوحَ شذاها في عالمِنا
فيصبحُ أجمل ...و أعطر ...وربما أفضل...

الصبر ..

الصبر ..!


من منّا لم تصرعه الخطوب، ولم تحصره المحن، ولم تنزل على رأسه المصائب .

من منّا لا يقلقه المستقبل، ولم يخاف من الحاضر، ولم يحزن على الماضي .

فكلّنا ذاق ألم الفراق، وموت الأحبة، وشدّة المرض، وموجات الجوع، وبلاء العيش والدنيا،وتناوب الآهات والزفرات .

وكلنا مرت علينا موجات الحزن، وهطل من أعيننا دموع وأسى، واعتصرتنا كل أنواع الهموم والغموم في صدورنا .

قال تعال: {ولنبلونّكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات... الآية }البقرة (155) .

إلا أن الصابرون قليل، والأشداء على تحمّل الفجائع نادرون، مع أن الصبر للمؤمن علامة، وللراضي بقضاء الله وقدره وسام، وهو لمن يتجسّد به بشرى ونور من عند الله تعالى {.... وبشّر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.} البقرة ( 155ــ157).

الصبر نهايته إلى خير بإذن الله متى ما احتسب المؤمن بذلك وجه الله تعالى .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :" عجباّ لأمر المؤمن إن أمره كلّه خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً " رواه مسلم .

قال الشاعر :
الصبر مثل اسمه مرٌ مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل

ولنا في صبر الأنبياء أروع الأمثلة، فهذا يعقوب عليه السلام صبر على فراق يوسف عليه السلام، وهذا أيوب صبر على المرض، وهذا يونس صبر على الظلمات الثلاث، وصالح ولوط صبرا على إيذاء أقوامهم
لهم، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم صبر عندما فارق الأحبة، وصبر عندما آذوه قومه، وصبر على الجوع .

وللصبر أنواع ثلاثة :ـ
1 - الصبر على طاعة الله في الإتيان لكل ما أمر به .
قال تعالى { واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين }البقرة (45).
2 - الصبر على المعصية، وذلك بأن يعمل المؤمن على تحصين نفسه من كل ما هو مزيّن أمامه، ومن الشهوات الدنيوية والتي تكسب الإنسان ذلاًّ في الدنيا، وعذاباً شديداً في الآخرة .
قال تعالى :{ ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفّنا مسلمين } الأعراف (126).
3 - الصبر على النوازل والمصائب، لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل .
عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال :" ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه " متفق عليه

قال الجنيد وقد سئل عن الصبر " هو تجرّع المرارة من غير تعبّس "

وقال ابن عياض في قوله تعالى }سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار {الرعد (24) " صبروا على ما أُمروا به وعمّا نهوا عنه .

قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تُفلحون } آل عمران (200)



الحياء ..



الحياء ..!


صاحبه حيُ الضمير، مرهف المشاعر، محب للتواضع، عاشقٌ للهدوء والسكينة.

الحياء مزيّة إسلامية لكل مؤمن خالص إيمانه لله، وشعور يخالج النفس فيترجم على ملامح الوجه.

والحياء خُلُق الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم " لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء " رواه مالك

والحياء أنواع وأولها وأجلها هو الحياء مع الله سبحانه وتعالى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم " استحيوا من الله حق الحياء، قلنا إنا نستحي من الله يا رسول الله ــ والحمد لله قال : ليس ذلك الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما عوى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا،وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " رواه الترمذي.

هب البعث لم تأتنا رسله *** وحاطمة النار لم تضرم
أليس من الواجب المستحق *** حياء العباد من المنعم

ثم يأتي الحياء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع أوامره واجتناب نواهيه ومحبته والصلاة عليه دائماً، وقراءة سيرته وآثاره، وإفهام الناس وتنويرهم بعلو شأنه وسمو قدره وجلال سنته صلى الله عليه وسلم.

وهناك الحياء في الكلام بتنزيه اللسان عن كل ما يعيبه ويضجه، والحياء في المعاملات مع الناس بإظهار خُلُق المسلم الحقيقي، والابتعاد عن النفاق والبدع والمجاملات الرخيصة التي لا تعدو إلا سفا سف أمور لا يلتفت إليها .

قال علي كرّم الله وجهه : من كسى بالحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه .

وقيل : إن الحياء دليل الخير كلّه .

وقال بعض العلماء : حقيقة الحياء " خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق .

والحياء ابتعادٌ عن الشبهات، وترفّعٌ على الدنيئات، والتشبث بالمرؤات، والخوف على المكارم، والحرص على المحامد .

ومن لزم الحياء فهو مؤمن، ومن فارقه فقد وقع أسير الذنوب والمعاصي والله المستعان .

يقول ابن القيّم رحمه الله : ومن عقوباتها - أي الذنوب والمعاصي - ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه .

وفي الصحيح أنه قال صلى الله عليه وسلم " الحياء خير كله " وقال " أن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى :"إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " أخرجه البخاري وأحمد

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الإيمان بضعٌ وسبعون شعبه أو بضع وستون شعبه، فأفضلها قوا لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه. 

أخلاقياات الطفل المسلم (مصورة) ..~
















أخلاقياات الطفل المسلم 2 (مصورة) ..~















الكرم ..


الكرم ..!

ما هو الكرم؟
الكرم يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: (فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله) [البخاري].
فالرسول صلى الله عليه وسلم وصف يوسف -عليه السلام- بالكرم لأنه اجتمع له شرف النبوة والعلم والجمال والعفة وكرم الأخلاق والعدل ورياسة الدنيا والدين، وهو نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي.
كرم الله سبحانه:
من صفات الله -سبحانه- أنه الكريم، وهو الكثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه.
***

بعث معاوية -رضي الله عنه- إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- بمال قدره مائة وثمانون ألف درهم، فأخذت -رضي الله عنها- تقسم المال، وتوزعه على الناس حتى تصدقت به كله، وكانت صائمة، فأمرت جاريتها أن تحضر لها الطعام لتفطر، فأحضرت لها الجارية خبزًا وزيتًا، وقالت لها: أما استطعتِ فيما قسمتِ اليوم أن تشتري لنا لحمًا بدرهم؛ لنفطر عليه، وهكذا تصدقتْ بهذا المبلغ الكبير، ونسيتْ أن تبقي درهمًا تشتري به طعامًا لإفطارها.
***

ذات يوم، أحضر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مالا كثيرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: (ماذا أبقيتَ لأهلك يا عمر؟)، فيقول: أبقيتُ لهم نصف مالي.
ويأتي أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- فيحضر ماله كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم: (ماذا تركتَ لأولادك يا أبا بكر؟)، فيقول: تركتُ لهم الله ورسوله.
***

كرم النبي صلى الله عليه وسلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس شرفًا ونسبًا، وأجود الناس وأكرمهم في العطاء والإنفاق، فقد أتاه رجل يطلب منه مالا، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين، فأخذها كلها، ورجع إلى قومه، وقال لهم: أسلموا، فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. [أحمد].
كما تروي عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة: (ما بقي منها؟) فقالت: ما بقي إلا كتفها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بقي كلها غير كتفها) [الترمذي].
أي أن ما يتصدق به الإنسان في سبيل الله هو الذي يبقي يوم القيامة، ولا يفنى إلا ما استعمله في هذه الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما نقص مال عبد من صدقة) [الترمذي].
***

أنواع الكرم:
بما أن الكرم يطلَق على ما يحمد من الأفعال؛ فإن له أنواعًا كثيرة منها:
الكرم مع الله: المسلم يكون كريمًا مع الله بالإحسان في العبادة والطاعة، ومعرفة الله حق المعرفة، وفعل كل ما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه.
الكرم مع النبي صلى الله عليه وسلم: ويكون بالاقتداء بسنته، والسير على منهجه، واتباع هديه، وتوقيره.
الكرم مع النفس: فلا يهين الإنسان نفسه، أو يذلها أو يعرضها لقول السوء أو اللغو، وقد وصف الله عباد الرحمن بأنهم: {وإذا مروا باللغو مروا كرامًا} [الفرقان: 72].
الكرم مع الأهل والأقارب: المسلم يكرم زوجه وأولاده وأقاربه، وذلك بمعاملتهم معاملة حسنة، والإنفاق عليهم، فخير الإكرام والإنفاق أن يبدأ المسلم بأهله وزوجته. قال الله صلى الله عليه وسلم: (دينار أنفقتَه في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (إعتاق عبد)، ودينار تصدقتَ به على مسكين، ودينار أنفقتَه على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقتَه على أهلك) [مسلم]. وقال الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها (أي ينوي عند إنفاقها أنها خالصة لوجه الله)، كانت له صدقة) [متفق عليه].
فالصدقة على القريب لها أجر مضاعف؛ لأن المسلم يأخذ بها ثواب الصدقة وثواب صلة الرحم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم (القريب) ثنتان: صدقة، وصلة) [الترمذي والنسائي وابن ماجه]
إكرام الضيف: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت) [متفق عليه].
الكرم مع الناس: طرق الكرم مع الناس كثيرة؛ فالتبسم في وجوههم صدقة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق) [مسلم].
وقد قال علي -رضي الله عنه- وهو يحث على العطاء وإن قَلَّ: لا تستحي من عطاء القليل؛ فالحرمان أقل منه، ولا تجبن عن الكثير؛ فإنك أكثر منه.
وقال الله صلى الله عليه وسلم: (كل سُلامَي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته؛ فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة) [متفق عليه]. وقال الله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة) [البخاري].
الكرم والإنفاق في حوائج المسلمين: المسلم يجب عليه أن ينفق في حوائج المسلمين، فمثلا في وقت الحروب يجب عليه أن يكثر من الإنفاق لتجهيز جيش المسلمين، وفي أزمات التعليم ينفق في تيسير التعليم، وإن كان هناك وباء أو مرض مثلا، فعليه أن يتبرع بالمال مساهمة منه في القضاء على هذا المرض، ولو علم المسلم بحاجة أخيه المسلم في بلد إسلامي معين إلى دواء أو غذاء، فعليه أن يسارع إلى معاونته.
*** 

فضل الجود والكرم:
* ثواب الجود والإنفاق عظيم، وقد رغَّبنا الله فيه في أكثر من موضع من القرآن الكريم، قال الله -تعالى-: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} [البقرة: 261].
وقال تعالى: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} [البقرة: 272].
وقال تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًّا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [البقرة: 274].
* الكرم يقرب من الجنة ويبعد عن النار، قال الله صلى الله عليه وسلم: (السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار) [الترمذي].
* الكرم بركة للمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا) [البخاري]. وقال الله في الحديث القدسي: (أنْفِقْ يا بن آدم أُنْفِقْ عليك) [متفق عليه].
* الكرم عِزُّ الدنيا، وشرف الآخرة، وحسن الصيت، وخلودُ جميل الذكر.
* الكرم يجعل الإنسان محبوبًا من أهله وجيرانه وأقاربه والناس أجمعين.
لكل هذه الفضائل فإن المسلم يحب أن يكون كريمًا، قال الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلمها) [البخاري].
وعلى المسلم أن يدرب نفسه على خلق الكرم، ويعودها عليه منذ صغره، وعليه أن يعلم أن المال مال الله، وأنه نفسَه مِلْكٌ لله، وأن ثواب الله عظيم، وأنه يثق في الله، فلا يخشى الفقر إذا أنفق، وأن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته في إنفاقهم، وعليه أن يكثر من الجود والكرم في جميع أوقات العام، وخاصة في شهر رمضان، وفي الأعياد والمناسبات التي تحتاج منه إلى ذلك.
***

البخل:
المسلم لا يتصف بالبخل؛ لأنه خلق ذميم يبغضه الله -سبحانه- والناس أجمعون، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل، وسوء الخلق) [الترمذي].
جزاء البخل:
وقد ذم الله البخل من خلال آيات القرآن، وحذرنا منه، فقال عز وجل: {ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله خيرًا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير}.
[آل عمران: 180]. وقال تعالى: {والذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما أتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا} [النساء: 37].
وجعل الله عاقبة المنفقين الفوز والفلاح؛ حيث قال: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: 9].
والبخل يرتد على صاحبه، فلا يذوق راحة أبدًا، يقول الله تعالى: {ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء} [محمد: 38].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من البخل في دعائه، فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العمر) [البخاري]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث مهلكات: هوًى مُتَّبَع، وشُحٌّ (بخل) مطاع، وإعجاب المـرء بنفسه) [الطبراني]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم..حملـهم على أن سفـكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) [مسلم].
وقال أحد الحكماء: البخيل ليس له خليل. وقال آخر: الجود يوجب المدح، والبخل يوجب الذم. وقال آخر: طعام الكريم دواء، وطعام البخيل داء. فعلى المسلم أن يجعل الجود والكرم صفة لازمة له على الدوام، وأن يبتعد عن البخل والشح؛ حتى يفوز برضوان الله وجنته.
***